أرض القرنفل

زنجبار المعروفة بأرض القرنفل هي تجربة ماثلة وذكرى مريرة مغروسة في خاصرة العالم العربي والإسلامي، أدت عوامل تقسيم وتأثير على مستوى الدين واللغة والثقافة إلى ذبول الحضارة الإسلامية واللغة العربية في تلك البلاد، ولكن تركت غصة في الحلق ما زلنا نتجرع وراءها طبيعة الخلل في أرض كانت إسلامية وتصارع اليوم من أجل الحفاظ على هويتها، وكانت تتحدث اللغة العربية ولكن تم استبدالها بالسواحلية كلغة رسمية بالإضافة إلى الإنجليزية.

زنجبار المعروفة بأرض القرنفل هي تجربة ماثلة وذكرى مريرة مغروسة في خاصرة العالم العربي والإسلامي، أدت عوامل تقسيم وتأثير على مستوى الدين واللغة والثقافة إلى ذبول الحضارة الإسلامية واللغة العربية في تلك البلاد، ولكن تركت غصة في الحلق ما زلنا نتجرع وراءها طبيعة الخلل في أرض كانت إسلامية وتصارع اليوم من أجل الحفاظ على هويتها، وكانت تتحدث اللغة العربية ولكن تم استبدالها بالسواحلية كلغة رسمية بالإضافة إلى الإنجليزية.

الأربعاء - 30 ديسمبر 2015

Wed - 30 Dec 2015



زنجبار المعروفة بأرض القرنفل هي تجربة ماثلة وذكرى مريرة مغروسة في خاصرة العالم العربي والإسلامي، أدت عوامل تقسيم وتأثير على مستوى الدين واللغة والثقافة إلى ذبول الحضارة الإسلامية واللغة العربية في تلك البلاد، ولكن تركت غصة في الحلق ما زلنا نتجرع وراءها طبيعة الخلل في أرض كانت إسلامية وتصارع اليوم من أجل الحفاظ على هويتها، وكانت تتحدث اللغة العربية ولكن تم استبدالها بالسواحلية كلغة رسمية بالإضافة إلى الإنجليزية.

وهذه البلاد البالغ عدد سكانها حوالي مليون شخص أغلبهم من المسلمين (98%)، يتوزعون في 52 جزيرة تحول اسمها من (بلاد أفريقيا الشرقية) إلى زنجبار منذ سقوط الحكم العربي فيها عام 1964م، وضمها مع منطقة تنجانيقا لتكون ما يُعرف الآن بتنزانيا.

الباحث عن تاريخ هذه الدولة الإسلامي لا يجد ما يشفي الغليل وسط غياب التدوين الذي لم يبق منه إلا حقيقة باهتة وهي أنّ دخول الإسلام إلى تلك البلاد كان عن طريق الهجرات العربية والشيرازية إلى شرق القارة الأفريقية في نهاية القرن الأول الهجري في عهد الدولة الأموية. وعندما قام الحجاج بن يوسف الثقفي في عهد الخليفة عبدالملك بن مروان بمحاولة ضمّ عمان إلى الدولة الأموية رفض الأخوان الحاكمان آنذاك سليمان وسعيد ابنا الجلندى، فأرسل الحجاج إلى عُمان جيشا كبيرا، ما كان منهما إلّا أن يخرجا بمن تبعهما من قومهما إلى زنجبار الحالية ويحكماها حوالي ألف عام.

ولو كان هناك من حنين على مستوى التاريخ إلى زنجبار فإنّ هناك حنينا آخر تمثّل في نظم الشاعر السوداني محمد المكي إبراهيم قصيدته الرمزية ذائعة الصيت (بعض الرحيق أنا والبرتقالة أنت) والتي قال فيها:

«من اشتراك اشترى فوح القرنفل

من أنفاس أمسية

أو السواحل من خصر الجزيرة

أو خصر الجزيرة من موج المحيط

وأحضان الصباحية

من اشتراك اشترى

للجرح غمداً وللأحزان مرثية

من اشتراك اشترى منّي ومنك

تواريخ البكاء وأجيال العبودية

من اشتراك اشترانى يا خلاسية»

وقصة زنجبار تجيش في الخاطر لأنّها نموذج لتلك البلاد التي تستثير انتباه العالم الخارجي بوصفها موطنا لخليط من التطورات الحضارية، وفي نفس الوقت تعاني من قصور التواصل مع أمّة انتمت إليها في اللغة والدين، وهذا الغبن يترجمه شعور يتيم برز على مدى التاريخ في نفوس أهل الهويات المختلطة في بحثهم عن الأمة الأصل. كما تستثار زنجبار بمسألة العلاقة بين العروبة والأفريقانية وذلك لاهتمام العلماء في مجالات عديدة كالسياسة والتاريخ والأجناس، وقد سعى هؤلاء العلماء بكل جد إلى محاولة إزالة اللبس عن هذا القطر المتراصة جزره.

فلو تفحصنا الرواية المجردة، لبلاد زنجبار نجد أنّها في إطار بحثها عن هويتها يقوم الآخرون بتقديم شخصيتها ناقصة أو مُحاطة بأطر من الغرائبية، الأمر الذي يدعو إلى إنتاج رواية بديلة تدحض ذلك التقديم المشين المعبأ بمظاهر العلو العنصري متغاضيا عن وحدة الدين والتكوين العربي الأساسي للدولة. وإذا كان الإعلام الغربي، عبر السينما ووسائله المختلفة، قد نسج خيوطا من الأوهام حول الشخصية الأفريقية، وكرّس تشويهها لتبرير الاستعمار باعتباره واجبا حضاريا، فما فعله العقل الجمعي لمحيطنا الشرق أوسطي أنه استطاع أن يشدّ بكل قواه على تلك الخيوط أكثر وأكثر. وهذه الصورة ليست ببعيدة عن الأذهان فتاريخيا نجد أنّ المفاهيم والنظريات والتحليلات، التي تناولت الإنسان غير الغربي في زمن الاستعمار، كشفت عن تمييز عنصري واضح، ولم تمثل إلاّ أفكارا اعتمدت فروضا لا أساس لها إلاّ في الذهن الغربي المركزي، بل كثيرا ما استهدفت خدمة المشروع التطبيقي للاستعمار.

تنبعث اليوم مفاهيم جديدة تأخذ صورة إشكاليات الهوية والخصوصية والأصالة، فيما يعيش مثل المجتمع الزنجباري المسلم بنصفه العربي ونصفه الأفريقي زمنين متناقضين في القيم والثقافة.