زيمباليست: المسابقات الرياضية الدولية سيرك للخسائر الاقتصادية

السيرك الكبير: المقامرة الاقتصادية وراء استضافة الألعاب الأولمبية وكأس العالم

السيرك الكبير: المقامرة الاقتصادية وراء استضافة الألعاب الأولمبية وكأس العالم

الخميس - 29 أكتوبر 2015

Thu - 29 Oct 2015



السيرك الكبير: المقامرة الاقتصادية وراء استضافة الألعاب الأولمبية وكأس العالم



الكاتب: أندرو زيمباليست



الناشر: مطابع مؤسسة بروكنجز



باستثناء الحرب، لا شيء يشوِّش الفكر السياسي في العالم مثل المنافسات الرياضية الوطنية والعالمية، تؤدي هذه المنافسات إلى تحريك المشاعر الوطنية، زيادة التفاخر والزهو، والهستيريا الجماعية.

ويحصل الرياضيون المشاركون في المنافسات عادة على مكانة اجتماعية تشبه مكانة أبطال الحروب، وفي قمة هذا التشويش الفكري الحدثان الرياضيان الأبرز والأهم في العالم: الألعاب الأولمبية ونهائيات كأس العالم لكرة القدم.

وينفق السياسيون مبالغ طائلة من الأموال العامة للفوز باستضافة إحدى هاتين المنافستين.



الأرقام المذهلة



2008 الصين - أنفقت 40 مليار دولار لاستضافة الألعاب الأولمبية الصيفية في بكين.

2014 روسيا - أكثر من 50 مليار دولار على ألعاب سوشي الأولمبية الشتوية.

2014 البرازيل - إجمالي النفقات التي دفعتها لاستضافة نهائيات كأس العالم وصلت إلى 20 مليار دولار.

2022 قطر – تشير التقديرات أنها ستنفق مبلغا يصل إلى 200 مليار دولار لاستضافة نهائيات كأس العالم.

فرصة اقتصاديةكيف وصلت الأمور إلى هذا الحد من الإسراف في النفقات على المسابقات الرياضية الدولية؟ وهل يستحق الأمر ذلك؟ هذان السؤالان من بين أسئلة كثيرة يطرحها خبير الاقتصاد الرياضي أندرو زيمباليست في كتابه «السيرك الكبير: المقامرة الاقتصادية الكبيرة وراء استضافة الألعاب الأولمبية و كأس العالم».

تعدّ منافسات الألعاب الأولمبية ونهائيات كأس العالم لكرة القدم فرصة اقتصادية لا تعوَّض للبلدان التي تستضيفها، والتنافس يكون دائما قويا بين الدول للفوز بحقوق استضافتها، وبشكل خاص الدول النامية، وترى في هذه الأحداث فرصة لتسليط الأضواء العالمية عليها.



الطريق للمكاسب



يتابع في الكتاب الطريق الذي سلكته الألعاب الأولمبية العالمية، ونهائيات كأس العالم لكرة القدم لتتحول من أحداث نبيلة ورزينة إلى مناسبات استعراضية باذخة بشكل مبالغ فيه.

ويكشف زيف الادعاءات التي يطلقها مروجو قطاع الصناعة الخاصة ومؤيدو الحكومات، ويقدم سلسلة من الدراسات التفصيلية لحالات محددة تفضح تجارب برشلونة، سوشي، ريو دي جانيرو، لندن.

ويتوصل إلى نتيجة أنه لا توجد أي مكاسب اقتصادية صافية للبلدان التي تستضيف الألعاب الأولمبية، ومباريات نهائيات كأس العالم لكرة القدم.

ومع أن طبقة رجال الأعمال الأثرياء قد يحققون أرباحا من هذه البطولات الرياضية، إلا أن أصحاب الدخل المتوسط والمتدني لا يحققون أي مكاسب.

ويتوقع حدوث المزيد من الاحتجاجات والغضب السياسي مثل تلك التي شهدتها البرازيل حول استضافة نهائيات كأس العالم 2014.

ضحايا المجدويأتي تركيز زيمباليست الأكبر ليس على الدول المضيفة، التي يصورها على أنها ضحايا مهووسة بالشهرة والمجد، ولكنه يركز بشكل رئيس على اللجنة الأولمبية الدولية (IOC) والاتحاد الدولي لكرة القدم (FIFA)، ويصفهما بأنهما عصابتان تتخذان من سويسرا مقرا لهما وتضمان عددا من البيروقراطيين الذين يتقاضون رواتب هائلة ولديهم نفقات ضخمة، يسافرون حول العالم، ويستغلون نقاط ضعف الأنظمة الديموقراطية والدكتاتورية على حد سواء.



اللجنة في لندن



دفعت لندن نصف مليون دولار حق استضافة الألعاب الأولمبية لعام 2012 للجنة الأولمبية الدولية كرسوم، لتشارك في تقديم العروض فقط، وزادت الحكومة البريطانية في تلك الفترة ميزانيتها من 3 إلى 9 مليارات جنيه استرليني.

وجاءت مطالبات اللجنة للندن كالآتي:



- بناء مدينة جديدة محصنة في ستراتفورد، بالرغم من أن ملاعب ويمبلي الجديدة كانت قد صُمِّمَت من أجل تلك الغاية.

- أعضاء ما يسمى بـ»العائلة الأولمبية» طالبوا بفنادق خمس نجوم وأسطول من سيارات الليموزين الفخمة.

- اشترطوا أن يتم وضع طوق حول الطرق المخصصة لاستخدامهم الخاص.

- طلبوا تشغيل الضوء الأخضر للإشارات الضوئية لدى اقترابهم منها.

- اشترطت إعفاؤها من جميع الضرائب المحلية.

- لا يسمح بوضع إعلانات لأي منتجات منافسة لمنتجات رعاة الأولمبياد في مناطق قريبة من مواقع المنافسات.

- إعلان حالة التأهب في الجيش البريطاني.

- وضعت قواعد الصواريخ والغواصات في حالة الاستعداد التام.

- محافظ لندن طلب من المواطنين عدم استخدام قطارات الأنفاق حتى لا يعوقوا حركة زوار الألعاب الأولمبية.

- إفراغ جميع المواقع السياحية.



واضطر البرلمان البريطاني حينها لتمرير قانون يضع الشرطة تحت تصرف اللجنة، ومثل هذه التجاوزات المبالغ فيها، لم تفعله الحكومة البريطانية حتى لدى زيارة رؤساء الدول، ومع ذلك لم تتجرأ على رفض أي طلب من طلبات اللجنة.



اللجنة والاتحاد



عندما تم إنشاء اللجنة الأولمبية الدولية في 1894 والاتحاد الدولي لكرة القدم 1904، كانتا مكرستين لتحقيق التوافق الدولي ورعاية المواهب وأصحاب الهوايات الرياضية، ويبين زيمباليست كيف أن استغلال التلفزيون ورعاية المنتجات مكَّنتهما من تحويل المنافسات الرياضية إلى أحداث تجارية.

وسرعان ما أصبح أعضاء اللجنة عبيدا للمتعهدين الذين يملكون المنشآت الضخمة «معظمهم أمريكيون»، فأصبحت الألعاب بشكل أساسي ضريبة على الدول الوطنية، حيث تذهب الأرباح للمتعهدين وللمنظمتين.



من التاريخ



- ستينات القرن العشرين، كانت اللجنة تتقاضى 5% فقط من دخل الألعاب، لكنها حاليا تحصل على أكثر من النصف، وتترك عادة الدول المضيفة وهي ترزح تحت الديون.

- 1976 تعرضت الألعاب الأولمبية لموجة من المقاطعات السياسية، وفضائح المخدرات وشبه إفلاس مونتريال.

- تشوهت صورة الأولمبياد لدرجة أن الجهة الوحيدة التي تقدمت بعروض الرعاية كانت مجموعة بنوك استثمارية.

- تم التحول من الهواية إلى الاحتراف.

- أغمضت اللجنة عينيها عن قضايا المخدرات، وبدأت بالمطالبة بالحصول على حصة أكبر من حقوق الدخل من المدن المضيفة.

- 1992 عرضت برشلونة استضافة الألعاب الأولمبية في منطقة كانت قديمة، وتحولت الألعاب الأولمبية إلى إرث وطني.

- أنقذ كل من أولمبياد لوس أنجلوس ومن ثم أولمبياد برشلونة الألعاب الأولمبية.



استثناء لا يذكر



ويبين زيمباليست أن لوس أنجلوس وبرشلونة كانتا حالتين استثنائيتين، حيث اضطرت اللجنة لتكييف المنافسات الرياضية لتناسب إمكانات المدينة المضيفة بدلا من العكس.

والحسابات الاقتصادية لهذه المنافسات مبالغ بها وخاطئة، لأن إجمالي الناتج المحلي للمدينة أو الدولة المضيفة في الواقع لا يزيد، كما أن السياحة لا تزداد خلال المنافسات.

ففي الألعاب الأولمبية في سيدني عام 2000 أدت إلى انخفاض عدد السياح إلى أقل رقم خلال أربع سنوات، وفي بكين 2008 شهدت انهيارا في عدد السياح.

ووظفت الحكومة البريطانية مجموعات من المحاسبين للادعاء بأن الألعاب التي استضافتها لندن في 2012 ستحقق أرباحا قدرتها بنحو 13 مليار جنيه استرليني إضافي في التجارة، وأنها ستؤدي لتنشيط السياحة أيضا.

لكن أيا من ذلك لم يحدث.



خسارة ساحقة



ويطالب الاتحاد الدولي لكرة القدم بثمانية ملاعب متطورة لكل بطولة في نهائيات كأس العالم، بعضها لا يستخدم لأكثر من 5-6 مرات فقط، فأنشأت كل من البرازيل وجنوب أفريقيا ستة ملاعب على الأقل كلفت مئات الملايين من الدولارات وهي مهجورة الآن.

اثنان منها في جنوب أفريقيا قد يتعرضان للهدم الآن، ومع ذلك فإن الدول المضيفة لا تحقق فائدة اقتصادية تغطي التكاليف.

يوضح الكتاب جوانب كانت غامضة عن هذا العالم، وهو لا شك ممتع للقراء من جميع الأطياف.



«حصل أندرو زيمباليست على البكالوريوس من جامعة ويسكونسين في 1969، ومن ثم حصل على شهادتي الماجستير، والدكتوراه من جامعة هارفارد الأمريكية.

يعمل محاضرا في قسم الاقتصاد في كلية سميث كوليدج منذ 1974، وهو أستاذ زائر في عدة جامعات أخرى: جامعة هامبورج، كيوتو في اليابان، جامعة جنيف، وهو أيضا باحث زائر في جامعة هارفارد منذ 1980».