بين نكران المرض والشعور بالذنب وأثرهما على الشفاء من الأورام

ذكرنا في وقت سابق أن 75 ٪ من مرضى الأورام يمرون بضغوط نفسية وعصبية حادة، وأول تلك المشاعر هو عدم التصديق (disbelief)، ويكون عند معرفة المريض بالتشخيص، فيستمر المريض في حياته بشكل طبيعي، وكأنه يرفض فكرة المرض تماماً

ذكرنا في وقت سابق أن 75 ٪ من مرضى الأورام يمرون بضغوط نفسية وعصبية حادة، وأول تلك المشاعر هو عدم التصديق (disbelief)، ويكون عند معرفة المريض بالتشخيص، فيستمر المريض في حياته بشكل طبيعي، وكأنه يرفض فكرة المرض تماماً

الأربعاء - 28 أكتوبر 2015

Wed - 28 Oct 2015



ذكرنا في وقت سابق أن 75 ٪ من مرضى الأورام يمرون بضغوط نفسية وعصبية حادة، وأول تلك المشاعر هو عدم التصديق (disbelief)، ويكون عند معرفة المريض بالتشخيص، فيستمر المريض في حياته بشكل طبيعي، وكأنه يرفض فكرة المرض تماماً.

هذه الفترة عادةً تكون قصيرة ينتقل بعدها المريض إلى الإحساس إما بقبول المرض والرضى به والبدء في خطوات العلاج، أو مرحلة النكران (denial) والتي يصاحبها الإحساس بالخوف والغضب والشعور بالذنب.

معرفة هذه المرحلة مهمة جداً للمريض وذويه، فقد يظل المريض في مرحلة النكران فترة طويلة يتقدم فيها المرض إلى درجة يتجاوز فيها المريض فرصة الشفاء.

ومن أسباب الضغوط النفسية للمريض، والتي تكون سببا في تأخر مرحلة قبول المرض، هو شعور المريض بالذنب، لأن كثيرا من الأورام تنتج من ممارسات المريض سواء كانت تدخينا أو شرب الكحول أو سمنة أو غيرها.

صحيح أن بعض الأورام تنتج بسبب بعض ممارسات المريض، لكن تركيز المريض على هذا الجانب يضر به نفسياً وجسدياً كذلك فالأبحاث أظهرت أن مضاعفات العلاج وآثاره السلبية تكون أكبر عند من لم يتجاوز الإحساس بالذنب (guilt) وأنهم مصدر المرض، فمن المهم عند توجيه المريض بالابتعاد عن هذه الممارسات تذكيره أن الندم لن يغير ما مضى، وتركيزه يجب أن يكون على اللحظة التي يعيشها الآن ووعيه فيها بقربه من الله وحب الله تعالى له، وأن الله تعالى يرفع درجته بصبره على قضاء الله، وأن معركته مع هذا المرض تتطلب نفسية مطمئنة متوكلة.

أحد أسباب الضغوط النفسية، وأحد مظاهر نكران المرض، هو كتمان المرض عن الأهل والأصدقاء بحجة عدم وضع أي ضغوط عليهم، وهذه ظاهرة نواجهها كثيراً في مجتمعنا.

من المهم معرفة أن دور الأهل والأصدقاء يتجاوز الوقوف بجانب المريض وتحسين نفسيته إلى زيادة فرص الشفاء من الورم، فقد أظهرت دراسة على عدد كبير من مرضى الأورام بينت أن الذين يتحدثون عن مرضهم مع شريحة كبيرة من الناس سواء كانوا أقارب أو أصدقاء أو زملاء في العمل أو مرضى آخرين تكون نسب تعافيهم من المرض أعلى من أولئك الذين يتكتمون على مرضهم، لأن محاولة إخفائه تسبب ضغوطا إضافية المريض في غنى عنها.

ولذلك من المهم أن يحرص الفريق الطبي على حث المريض أن يناقش حالته مع عائلته وذويه، وأن يساعده على الانتقال إلى مرحلة قبول المرض ليبدأ علاجه بنفسية هادئة ودعم من أقاربه وأصدقائه ما يعطيه أفضل الفرص لتجاوز مرضه والشفاء منه.

وأختم بقصة مريض تم تحويله لأحد التخصصات المساندة لاستكمال إجراءات صحية معينة قبل أن يبدأ في علاج الورم الذي تم تشخيصه به، ولأن الطبيبة التي تحول المريض إليها مُلمة بأهمية التعامل مع المريض ككيان ذي روح وعقل وجسد لاحظت نسبة قلق عالية جداً، وتوصلت إلى أنه يخفي مرضه عن أقاربه وحتى زوجته.

وما إن أخبر الطبيبة بذلك حتى انفجر بالبكاء كالطفل لكثرة ما كان يحمل في داخله من توتر وقلق.

فحرصت هذه الطبيبة على أن تشرح له أهمية معرفتهم وأخبرت زوجته بنفسها وشرحت لها التشخيص، وفي كل مراجعاته التالية بدا كشخص آخر، في هدوء تام وسكينة ورضا بقضاء الله.

الذي لا أشك فيه هو أن دور هذه الطبيبة في علاجه وشفائه بإذن الله لا يقل عن الطبيب الذي شخص المرض أو الذي سيعالجه.

هي بالتأكيد تركت بصمة على هذه العائلة أكبر بكثير من كل الأطباء مجتمعين، بصمة فيها روح الطب وإنسانيته.