عبدالله المزهر

العب على الصافرة!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الأربعاء - 30 مايو 2018

Wed - 30 May 2018

يقول السيد مورينهو المدرب ـ إن صحت التسمية ـ البرتغالي المعروف «لقد تغيرت كثيرا ولم أعد أبالغ في الاحتفال بالأهداف التي يحرزها فريقي إلا إن كانت في أوقات حرجة أو أهدافا حاسمة». أو كما قال غفر الله لنا وله.

ومع أني لا أحب هذا الإنسان لأسباب لا داعي لشرحها، إلا أن كلامه يبدو مقنعا وجميلا سواء في عالم كرة القدم أو في أي عوالم أخرى، لا مبرر للاحتفال قبل أن تنتهي المباراة. لأن الخيبة ستكون أكبر والانكسار سيكون أشد ألما إن انقلبت الأوضاع وأنت لا زلت تعيش نشوة الفرح.

والمشكلة التي أظن أن العالم لا يستطيع التعامل معها بشكل صحيح هي مشكلة الإيمان الساذج بأن ما يحدث الآن لا يمكن أن يتغير في الغد، هذه القناعة تجعل الحزن أكثر ألما والفرح أكثر غرورا وصلفا.

والتشفي والشماتة والسخرية من مصائب الآخرين وأحزانهم وانكساراتهم مع أنها صفات ذميمة في ذاتها، إلا أنها أيضا صفات تدل على الغباء الشديد. لا يشمت بالآخرين ولا يسخر من مصائبهم إلا الواثق بأنه محصن ضد تقلبات الدهر، لا يفعل ذلك إلا من كان لديه ثقة لا تقبل الشك أنه أقوى من الأيام ومن الحياة ومن القدر، وهذه الثقة من العلامات التي يستدل بها على أن عقل حاملها يقوم فقط بإدارة أعضاء الجسم من أجل البقاء لكنه لا يستخدم من أجل التفكير أبدا. وأظن أنه لا أحد يعترف بأنه يمتلك مثل هذه الثقة، لكن الذين يتصرفون كأنهم يمتلكونها كثيرون ويتزايدون.

لست ضد الفرح والسعادة بالانتصار أو الإنجاز، وأفعل ذلك كلما استطعت إلى السعادة والفرح سبيلا، لكن لا بد من ترك هامش ولو كان يسيرا، أو تعليق ورقة ملاحظات صغيرة على جدار السعادة الكبير فيها تذكير بأن هذا الفرح ليس أبديا، وأن هذه السعادة لها تاريخ صلاحية وسيكون استخدامها بعد انتهاء صلاحيتها سببا رئيسيا في أمراض وآلام الذكريات.

وما يقال عن الفرح يقال عن الحزن، لا بد من ذلك الهامش الصغير الذي يذكرنا بـ «تاريخ الصلاحية».

وعلى أي حال..

احتفلوا بأفراحكم وتألموا لأحزانكم، ولكن تذكروا دائما، لا تبالغوا في الفرح قبل صافرة النهاية لأن هذا قد يفقدكم التركيز فتخسرون، ولا تبالغوا في الحزن لأن ذلك قد يعوق عودتكم للمباراة.

@agrni