عبدالله المزهر

اللصوص يعانون أحيانا...!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الثلاثاء - 29 مايو 2018

Tue - 29 May 2018

وأنا أقرأ خبر إلقاء القبض على أفراد العصابة التي سطت على عربة نقل أموال وسرقت مبلغا يقترب من العشرين مليون ريال، مليونا ينطح آخر. كنت سعيدا بالطبع أن هذه العصابة قد انتهى بها المطاف إلى المكان الذي يجب أن تكون فيه. لكني في الوقت نفسه كنت أفكر في الصراع الذي كان يعانيه هذا اللص وهو يحاول جاهدا ألا يصرف منها شيئا حتى لا ينكشف أمره، لأن قيمة الأموال ومعناها الحقيقي يكمنان في صرفها، ومحاولة تجاهل فكرة أن مثل هذا المبلغ في حوزتك أمر يصعب على أمثالي تخيله. وقد فشل هذا اللص في آخر المطاف وتم كشف أمره بعد أن بدأت تظهر عليه آثار الثراء، وقيامه بشراء مقتنيات ليس لدى من هم في وضعه القدرة على شرائها. والحقيقة أني تخيلت أني أملك مثل هذه الكمية من الأموال ولكني لا أستطيع صرف شيء منها، سيكون الأمر أكثر تعذيبا وأذى نفسيا من عدم وجود المال من الأساس.

وحين أحلم بالثراء الفاحش فإني أتخيله طبعا مما يمكن صرفه، لا أريد ثراء فاحشا على شكل معلومة مفادها بأن لدي الكثير من الأموال ثم يتوقف الأمر عند هذا الحد.

ولذلك يعد البخلاء من أكثر المخلوقات التي عجزت عن فهمها بشكل واضح، خاصة الذين يبخلون على أنفسهم مع أن لديهم الكثير. حين تكون غنيا ثم تبخل على الآخرين ـ وهذا ما أنوي فعله حين أصبح ثريا ـ فهذه أنانية يمكن تبريرها وفهمها، لكن أن تبخل على نفسك وتعيش حياة البؤساء الأشقياء مع امتلاكك مقومات حياة الأثرياء فإن هذا أمر عجزت عن فهمه.

أحد التفسيرات لهذا النوع من البخل هو أن هؤلاء لديهم هواية جمع الأموال، تماما مثل هواية جمع الطوابع والتحف والمجلات والكتب القديمة. وهم ينظرون إلى الأموال بطريقة غير التي ننظر بها نحن معاشر الباحثين عن الثراء من أجل صرف الأموال على ملذات الحياة. هم يعتبرون الأموال مقتنيات يجب الحفاظ عليها. هي غاية في حد ذاتها واعتبارها مجرد وسيلة إهانة لقيمتها الفنية.

وعلى أي حال..

اللصوصية مدارس مختلفة، يوجد المدرسة الواقعية أو المباشرة وتمثلها العصابة التي سطت على عربة نقل الأموال وقتلت أحد حراسها. وهناك المدرسة السريالية، والتي مثلتها عصابات أخرى كثيرة تعتمد على إقناع الضحية بأنهم أحق منه بأمواله، ثم يأخذونها منه وهم مبتسمون وهو مبتسم مؤمن أن هذا دوره كمواطن زبون. ووجود مكان في الجحيم يتسع لكل تلك المدارس أمر يبعث على التفاؤل والراحة، لكنه يعوق فكرتي في تحقيق أحلامي في الثراء من خلال هذا الطريق، لأني أخشى من أن أعيش في الجحيم مرتين!

@agrni