هل تتبرع بالهلل؟

الجمعة - 25 مايو 2018

Fri - 25 May 2018

سؤال لا أعتقد أن أحدا منا لم يسمع به من قبل. بداية سأروي لكم موقفا بسيطا فتح أمامي تساؤلات عدة، سأسردها فيما بعد. كنت في أحد الأسواق، وبينما أنا في الصف بانتظار الحساب، كان أمامي سيدة شابة تقوم بتمرير أغراضها، وبعد أن مرر «الكاشير» كامل أغراضها طرح عليها السؤال المشهور: هل تتبرعين بالهلل؟

السيدة: لا.. كم الباقي؟ الكاشير: «نص ريال». السيدة: «أوكي عطني النص».

أرجو ألا يكون قد تبادر إلى ذهنك «أوه جيل اليوم الله لا يبلانا تبخل بالهلل على الضعوف؟» انتظر لا تحكم فالقصة لم تنته. ما حدث بعد ذلك كان تحولا كبيرا.

الكاشير: لا يوجد هلل «تبين علك؟»، السيدة: «تلعب علي بعلك؟»، الكاشير: «روحي للصندوق واطلبي النص حقك». ملاحظة: الصندوق يبعد عن الكاشير مسافة 60 مترا على الأقل. السيدة: «مو من واجبي أروح للصندوق وأطلب حقي، المفروض فيه هلل!»، المحاسب: «والله هذا من الإدارة.. ولكن تبين ريال؟»، السيدة: نعم.

احترمت موقف السيدة كثيرا، حيث إنه جعلني أفكر من جديد بالهلل الذي تخليت عنه في تلك الأسواق بدافع التبرع، وبدأت أتساءل ما إذا كانت الإدارات فعلا - حسبما قال المحاسب - لا توفر باقي الهلل عمدا؟

إضافة إلى كمية الحرج الذي يقع فيه الزبائن عندما يتم اختبار «إيمانهم» علنا أمام مرأى ومسمع من يقفون خلفهم.

السؤال هنا: ما هو مصير هذه المبالغ التي تقدر بالملايين؟ ولماذا لا توضح الأرقام بشكل شفاف لمن تبرعوا بتلك المبالغ؟

والسؤال الأهم: أين تبرع الأسواق نفسها وأعمالها الخيرية، وهل هي مكتفية بهللات الزبائن؟

الصدقة من الأمور النبيلة التي حث عليها الإسلام، ولكن ليس من واجب الأسواق جبايتها من الزبائن بهذا الشكل، كما أن من المسؤولية الاجتماعية لتلك الأسواق وغيرها من المحلات التجارية المساهمة الفعالة في أعمال الخير وليس فقط في لعب دور المنظم للصدقات وأخذها من الزبون وإعطائها للجمعيات الخيرية. فإذا كان ما يفيض من فتات هللات الزبائن ينتج عنه الملايين، فما يفيض من فتات ملايين الأسواق والمحلات التجارية ستنتج عنه المليارات التي ستبني المستشفيات والمدارس وستسد احتياج العديد من الأسر المتعففة.