عبدالغني القش

وزارة التجارة.. أسواقنا والرقابة!

الجمعة - 25 مايو 2018

Fri - 25 May 2018

لا ينكر أحد ما تقوم به وزارة التجارة والاستثمار من جهود جبارة بهدف القضاء على كافة أنواع الغش والتدليس التي كانت تعج بها أسواقنا المحلية، وكذلك الجهود المضنية في سبيل فرض الرقابة الصارمة على الشركات والمؤسسات والحد من جميع سبل التحايل التي كانت تمر سابقا مرور الكرام.

وكم يسر المرء عندما يطالع الإعلانات التي تحوي التشهير وفرض الغرامات الكبيرة على بعض الشركات نتيجة إخلالها بالشروط أو المواصفات.

وتكثيف الدور الرقابي على الأسواق أمر يبهج الخاطر ويسر الناظر، وكذلك إصدار الوزارة مشروع لائحة حوكمة الشركات، وتصدي الوزارة لتلاعب الشركات في أكثر من موضع ومواضيع شتى.

وهذه الجهود تذكر فتشكر، لكن ثمة أمور أضعها بين يدي الوزارة علها تجد درجة من العناية وتوليها بعض الاهتمام.

ومن هذه الأمور عدم الوضوح التام في عملية الضمانات، والتي أجزم يقينا أنه لم يبق فرد إلا وتعرض لشيء من التلاعب فيها، فالمشتري يعرف الموقع الذي اشترى منه السلعة، ولكن عندما يتعطل المنتج يفاجأ بأن الموقع يخبره بأن الضمان على الشركة المصنعة، وهنا أتمنى على وزارتنا إلزام جميع المواقع بتبني الضمان على المنتج وعدم إحالة المشتري لأي شركة مهما كان موقعها، منعا للتحايل أو التلاعب في كثير من الأحيان.

وقد مررت بتجربة مريرة خلال الشهرين الماضيين، حيث تمت عملية شراء لمنتج وتعرض جزء منه لعطل، وعند المراجعة أخبرت بأن مندوب الشركة المختصة بهذا الجزء في جدة، وأنه يتوجب الانتظار حتى وصوله، واستغرق ذلك قرابة أسبوعين، وهنا يكمن عجب آخر، فعند وصول المندوب أخبرني بأن الأفضل أن أقدم شكوى للوزارة على الرقم 1900، فتم ذلك على الفور، وكانت الدهشة، حيث إنه بعد انتظار طويل جدا قارب الثلاثة أسابيع يطلب مني أيضا مراجعة فرع الوزارة في جدة، وبعد الاتصال تأكد لدي أن بياناتي تؤكد أنني لست مقيما في جدة، وهكذا اضطررت لتقديم شكوى أخرى، لتنتهي المسرحية بأن أقوم بإصلاح الخلل على حسابي الخاص.

وبالعودة لعملية الضمانات فإن الغموض يكتنفها من حيث المدد الزمنية والمرجعية في ذلك، وإن وجدت فإنها أقل ما يمكن أن توصف به أنها غير واضحة.

والمتأمل يجد أن الشركات لا زالت تسوق لمنتجاتها وبأساليب يسيل لها اللعاب، فإذا ما تم الشراء فإنها مباشرة تعطي ظهرها لذلك المسكين، كأن العملية مجرد مقلب!

ولا زالت المصانع تتلاعب في عملية الأسعار، والعجيب أن يكون ذلك بشكل نظامي، فيكون المنتج بسعر وله وزن معين، وفجأة يتم إنقاص الوزن ويبقى السعر كما هو، والجميع يقف موقف المشاهد، والمستهلك مجبر على الشراء، وما يجري في شركات الألبان وغيرها مجرد مثال واضح. وكذلك الحال لمطاعمنا وأسعارها!

أما العروض التي تظهر بين الفينة والأخرى، فحدث ولا حرج، وهنا نتمنى على القائمين على الوزارة أخذ زمام المبادرة في حماية المتسوق من بعض تلك الحيل، وما تم اكتشافه في بعض الشركات الكبرى - مع الأسف - هو مؤشر على أن غيرها ربما يقوم بنفس الدور وإن اختلفت الطريقة.

ولا زال الأمل يحدونا في تكثيف الدوريات بحيث تجوب شوارعنا وأسواقنا ويكون التعامل مباشرا لبعض الحالات، والتي ربما لو تم الإبلاغ عنها لاختلف الوضع المتعلق بها.

ولكي يزيد الجمال جمالا والدور إبرازا فإن المرجو هو التعامل السريع مع البلاغات، فما وقع لي مؤخرا يؤكد أن المعاملة ربما تستغرق وقتا طويلا، وحينها يمل الشاكي وربما ضرب عن الموضوع صفحا، لاعتقاده بأن ليله سيطول. وهذا لا يتحقق إلا بتكثيف الدوريات والمراقبين والفنيين وتواجدهم على مدار الساعة، فهل نطمع في ذلك؟!

[email protected]