سارة مطر

العار الذي لا نريده في وطننا

الثلاثاء - 22 مايو 2018

Tue - 22 May 2018

هناك مشهد لا يمكن أن يخرج من ذاكرتي دون أن يستأذنني قبل أن يفعلها، إذ ثمة مشاهد سواء في أفلام سينمائية أو صور بلاغية في رواية أو كتب السير الذاتية تبقى عالقة في رأسك حتى نهاية عمرك أحيانا. المشهد الذي أود أن أكتب عنه طويل جدا، كان الحوار أكثر مما يجب، لكنني الآن أستحضره وبقوة: تدخل الأم الطيبة إلى غرفة الضابط، تجلس على الكرسي الخشبي وهي تحاول أن ترتب كلماتها، فتخبر الضابط عن اسمها وتقول له «هما أولادي عندك؟»، فيرد الضابط بتململ وهو يطالع الكشف الذي أمامه، ويقرأ الأسماء بوضوح، فتبكي الأم وترد «هم دول أولادي يا سعادة الضابط».

الضابط الذي يبدو أنه محنك وقد مرت في حياته العديد من القصص والروايات والحكايات، يشعر بالتعاطف مع الأم. لا يتصور أن يكون هؤلاء قد خرجوا من رحمها، وهو يرى سيدة أشبه بالملاك، أما حقيقية تتحدث بهدوء، تحاول أن تنتقي عباراتها، لا تصوب عينيها تجاه الضابط. وفي النهاية بعد أن تسمع التهم الموجهة إلى أبنائها، لم تعترض، لم تصرخ، ولم تبك. يبدو أنها تعلم جيدا أن أبناءها لم يكونوا صالحين في المجتمع، لهذا استأذنت الضابط وخرجت، وعند لحظة إغلاقها الباب أخرجت منديلا مهترئا ومسحت به دموع عينيها. لا يعرف الأبناء كم الألم الذي يورثونه لوالديهم، ألم للأسف يبقى طيلة الحياة معهم، البعض يهتم بأن يكون مشهورا وأن يكون ذا سلطة ومنصب، دون وجود أي اعتبارات لمعرفة هوية الطريق أهو صالح أم طالح!

يتعلم الأبناء «الأنانية» مبكرا، البعض يبدأ في التخلي عنها رويدا رويدا، أما البعض الآخر فيبدو متمسكا بها، رافضا الخروج من عباءة الأنا وحب الذات، ولو كان على حساب اسم أسرته، ومكانة والديه. وفي باب ما جاء في مفهوم الأنانية، كنت أقرأ كتابا لمؤلف سوري، كتب عن الحرب والحياة في سوريا قبل 50 عاما، وكتب رموزا ربما لا أفهمها، ولكن يمكن لأي سوري حل الألغاز التي طرحها المؤلف السوري، لكني أتذكر أنه كتب جملة لجمت فمي، حينما قال «يفضل المناضلون أن يدخلوا السجن أولا، حتى يستطيعوا بعدها أن يتسلموا السلطة، وأن يصبحوا في المستقبل وزراء».

ما يمكن أن نقرأه من مثل هذا المشهد أن البعض يبيع وطنه وتاريخ أسرته، وكل ما يمكن لك أن تتخيله في سبيل الظهور دائما على شاشات التلفزيون مثلا، أو أن يستضاف في عدد من القنوات التي تبحث عن أي شرارة لكي تشعلها وتحولها إلى نار، ثم تحولها كما تريد وكيفما تريد. الأبناء العصاة كثر، والمؤلم حينما يكون لمثل هؤلاء الأبناء أبناء صغار، كيف سيتعلمون أن الوطن والأسرة والقبيلة هي النموذج الاجتماعي المتكامل في وطننا.

ما زلت أفكر بشكل عميق عن الدافع الآخر غير الشهرة والمال لأن يصبح الابن عاصيا ليس لوالديه فحسب، وإنما لوطنه، وهو الأهم!

بعض من مسؤوليات الفرد تجاه وطنه

• النصح العام بما يرشد المجتمع ويعينه على الالتزام بعهده مع الله تعالى، والالتزام بعهده مع الحاكم، والتزام عهد المجتمع تجاه بعضه البعض، في العمل معا على إقامة مجتمع ينعم بالعدل والأمن والاستقرار والكفاية والسيادة.

• المحافظة على الوحدة الوطنية، وعلى وحدة أراضي الوطن وسيادته، وعدم إثارة الفتن والشغب والقلاقل، أو التآمر مع الغير ضد سيادة الوطن ووحدته الاجتماعية ووحدة أراضيه.

• العمل بجد على التحصيل العلمي وزيادة المعرفة والتنمية الثقافية.

• المحافظة على أموال الآخرين وعدم الاعتداء عليها.

• العمل على إيجاد روح المحبة بين الناس وحب الخير لهم، كما يوجب الإسلام على المواطن المسلم خاصة احترام الأقليات غير المسلمة في المجتمع المسلم.

SarahMatar@