آن للسلام أن يعود

الثلاثاء - 22 مايو 2018

Tue - 22 May 2018

آن للغشاوة التي صنعتها بعض التوجهات الدينية المتشددة أن «تنكشح»، وآن للمجتمعات العربية المسلمة أن تستوعب المبادئ الإسلامية الصحيحة التي عطل دورها في فترة من الفترات من قبل الجماعات المتشددة، وما أحلته محلها من نهج عدائي غير مبرر إنسانيا أو دينيا.

إن الواقع عموما يفرض الحقائق التي لا يريد البعض أن يراها أو يراها غيره، لأسباب قد تكون صحيحة حسبما يرى هو، ولكن أسبابه تلك وإن اتسمت في ظاهرها بالدين، لا تتجاوز مصلحة خاصة معينة لفرد أو لجماعة أو لجهة معينة متآمرة قد تصل إلى مستوى دولة كما فعل نظام الحمدين على سبيل المثال فقط، ولن نسهب في موضوعه فهو لا يستحق أكثر من نصف سطر!

هذا ما حدث في فترة من الفترات القريبة على مدار بضعة عقود مضت، أراد المتشددون أن تستمر مؤامراتهم التي استعانوا فيها بالتقرب والتودد للشعوب من خلال بوابة الدين الواسعة، والتي تمكنوا بالفعل من المرور بها إلى العقول والأفكار، وزراعة معتقداتهم التخريبية، بل وتكوين الكثير من الشخصيات العامة وصقلها، لتصبح بعد ذلك امتدادا لهم في رسالتهم المقنعة، وأبواقا يصدحون بها شرقا وغربا!

مجال الدين والدين الإسلامي على وجه الخصوص واسع جدا، ويمكن للمتشددين التلاعب من خلاله عن طريق توظيف أحد جوانبه التوظيف السيئ، واستغلال عدم الدراية الكافية لدى الكثير من البسطاء بأحكامه وتوجيهاته والمناسبات التي شرعت فيها تلك الأحكام والتوجيهات.

كما أسلفنا ذكرا، إن هؤلاء قد عطلوا الكثير من المعاني الإنسانية في الدين الإسلامي وتجاوزا القيم المثلى التي نص عليها، وانتهجوا التشدد والتطرف والغلو، لكن ذلك أصبح واضحا الآن، ولم تعد هذه الأساليب مجدية رغم استمرارهم فيها، وأصبح الناس يبحثون عن السلام فهو أول تلك القيم، ولاقتناعهم بعدم الجدوى من الكراهية والتشدد اللذين لا يؤديان في جميع الأحوال إلا للحرب والدمار.

إن مبدأ السلام يتفق مع كل الأعراف الإنسانية وكل ما نصت عليه الديانات السماوية، فهو برنامج متكامل للحياة، يحض على العطاء والصدق وأمانة التعامل وبث دعوى الخير والمحبة، وتحقيق هذه المبادئ السامية ينعكس على كل مجالات الحياة الفردية، والمجتمعية والدولية.

فالسلام هو الجندي الساهر الذي يطوق دائرة تعاملات البشر، ويقف دون دمارها وتخريبها من قبل الإرهاب والحروب.

وتحقيق السلام هو واجب نص عليه الدين الإسلامي على وجه الخصوص، بل إن السلام في المعتقد الإسلامي فرض أساسي وركيزة لدعائمه، ويلاحظ ذلك في اسم هذا الدين الجليل «الإسلام» وهو مأخوذ من السلام، كما أنه دين متمم لما سبقه من أديان، وتعاليمه الحسنة تنبع من ذات النبع الذي انتهلت منه اليهودية والمسيحية، رب واحد وتعاليم واحدة، تدعو جميعها إلى تحقيق السلام بين البشر، وتحذر من أصدقاء الشيطان الذين يعملون بكل تفان لتحقيق غاياتهم بالإرهاب وزرع الفتن، ولو كان ذلك على حساب حياة الأشخاص وأمنهم واستقرارهم.

آن للسلام أن يعود للشرق الأوسط بعد هذه العقود.

@ali_alayed